حكاية وطن
لم أكن أعلم بأني بحاجة لأن أراك تحتضر كي أدرك مدى ولعي بك
ولم أكن أدري بأن الشوق إليك يصر على النبض باسمك المحفور فوق جدران الروح
أتراني كنت بحاجة لذاك اللون الأحمر كي تتنبه أعصابي و تنزف حبراً و حروفاً ؟
أم لعلي كنت أنتظر اللحظة التي يغدو فيها الأدب ضمادة تخفف من تواتر النزف لا أكثر ..!
كل تلك القصائد التي مجدتك لم تكن سواء ذخيرة ليوم تغدو فيه الكلمات أكثر ما يمكننا أن نفعله ..
مجروحة أنا مثلك و تائهة أنا كأناك .. كيف لا وكل الحرائق تصب في بستان صقيع مثمر اختار بعض المقاعد و النفوس ...
وطني المطعون ..
أشبهك أنا من حيث لا تدري أكاد ألحظ تلك الدمعة التي اختارت عيني والزاوية المقابلة لعنفوانك
وأكاد أميز بوضوح تلك الهالات السوداء التي اختارت ترابك وأجفاني ...
هي تلك الحقيقة المرة التي نصر على تفاديها خوفاً من حماقة التنبؤات وهي تلك الإشارات الإستفاهمية التعجب التي تسكن رحم الزمن لتتركنا بانتظار مخاض تحكمه دقات ساعات ومشية منتظمة لعقارب حمقاء ...
أعلم بأني لست سوى رقم تستنزفه مئات الاصفار وبأني مجرد أنثى اخترتها لتكون حبة سكر أو ملح ،لا فرق فكل الذررات تتناهى في الصغر في وطن كل الأسماء فيه ملونة بذات الروح ...
ولكني أحمل في طيات كياني عبق كل من مروا الأوفياء منهم والخونة لا لأني أعاني من اضطراب في حاسة الشم وإنما لأني أيقن تماماً بأن الجمال لا يقدس حين يملأ الأرصفة والحانات هو بهي أكثر وشهي أكثر ساعة مكوثة بجوار جرعة مكثفة من القبح ..
عشقي لك بدأ خرافي الوجود ليؤول إلى سمفونية لطيفة أرددها بين الحين والآخر لحظة إنصاتي لأغنية تنادي باسمك، ولكني اليوم أدركت بأن حكايتي معك هي أسطورة حب من الوزن الثقيل تغدو فيها الحروف قرباناً لعظمةٍ وتمسي فيها التنهيدات رسائل وله عابثة تستفز خلاياي أكثر لأمتزج بريحك أكثر وأثمل بحبات انتماء ترامت على قارعة هويتي و جنسيتي وعلاماتي المميزة بك وحدك ..
إنها المرة الأولى التي أكتب فيها إليك وأعلم أنك تنصت جيداً لكل ما سأرتكبه من جرائم مرفوضة بحق الأدب .. فأنا على ثقة بأن القديس يملك من الصبر ما يكفي ليعيل فقراء الروح وضحايا الوجع ...
أشلائي تصر على التشظي أكثر وأكثر لتلامس كل الدخان الذي يعلو ضحكات الأطفال المكبوتة و لتعانق بحنو عبق تناثر فوق أشلاء أخرى كانت ذات يوم حكاية إنسان ...
احتراقي بك هذه المرة أعنف من كل المرات ومن كل الكوارث اللحظية التي انتابتني ساعة يقظة فمن يعتد السكر يا وطني يعرف تماماً أن يبقى على رمق الصحوة أيام متتالية ويعي تماماً بأنه بحاجة لأطنان من القهوة كي يخفي آثار دهر من العصيان والتخبط ..
كان يلزمني بوق أو مزمار صدئ كي أقص على آذان الصم حكاية وطن وروح ورماد إنسان وما عساي أفعل إن كان البوق يساوي حنجرة والصدأ يوازي سلع مهربة ....
أناملي الآن تأبى التكسر وتأبى مواصلة ارتكاب الجرائم ومن قال بأن الكلام لا يستحق أن يكون جريمة نعاقب عليها وفق لمقاييس الحدود الدنيا من الإنسانية ..
مي الخالدي
تح ـيتي